يُعدّ تاريخ القهوة في كولومبيا حكايةً غنيةً تَنسج خيوطها من رحلةٍ طويلةٍ بدأت قبل ثلاثة قرون وتحديداً عام 1723 م، عندما وصل الراهب الكاثوليكي "خيسوس مانويل سانشيز" إلى كولومبيا حاملاً سبع بذور قهوةٍ من الإكوادور المجاورة. تمّ غرس هذه البذور في مزرعةٍ صغيرةٍ بالقرب من مدينة بوغوتا، لتكون بمثابةِ شرارةٍ أشعلت نارَ شغفٍ تحوّل مع مرور الوقت إلى رمزٍ ثقافيٍ واقتصاديٍ هامٍ لكولومبيا.
لكن لم تقتصر رحلة القهوة في كولومبيا على بضع بذورٍ فقط، بل ازدهرت وتوسعت لتصبح علامةً تجاريةً عالميةً تُعرف بجودتها العالية ونكهاتها المميزة. اتّسعت رقعةُ مزارع البنّ لتشمل مناطقَ مختلفةٍ من البلاد، من المرتفعات الجبلية الشاهقة إلى السهول المنبسطة، مُستفيدةً من تنوع المناخ وظروف التربة المثالية لزراعةِ حبوبٍ استثنائيةٍ تُضفي على القهوة الكولومبية رونقها الخاص.
حيث لعبت الحكومة الكولومبية دورًا هامًا في دعمِ وتطويرِ قطاعِ القهوة، من خلال الاستثمارِ في البحثِ العلميّ وتحسينِ البنيةِ التحتيةِ وتقديمِ الدعمِ للمزارعين. ساهمت هذه الجهود في رفعِ جودةِ الإنتاجِ وتعزيزِ مكانةِ القهوة الكولومبية في الأسواقِ العالمية.
وكما هو المعتاد ليست جميع الحكايات الجميلة خالية من المتاعب، حيث واجهت زراعةُ القهوة في كولومبيا العديدَ من التحديات، من بينها الأمراضُ والآفاتُ وتقلباتُ الطقسِ والاضطراباتُ السياسية. لكنّ عزيمةَ المزارعين الكولومبيين وشغفهم بالقهوة ساهما في تخطي هذه العقبات والحفاظِ على جودةِ منتجاتهم. وتُعدّ القهوة اليوم رمزًا ثقافيًا واقتصاديًا هامًا لكولومبيا. وتُشكلُ مصدرَ دخلٍ رئيسيًا للعديدِ من العائلات، وتُساهمُ بشكلٍ كبيرٍ في الناتجِ المحليّ الإجماليّ للبلاد. يعتمدُ أكثرُ من نصفِ مليونِ شخصٍ في كولومبيا على زراعةِ البنّ وقطفهِ ومعالجتهِ وتصديرهِ، مما يُؤكّدُ على أهميةِ هذا القطاعِ بالنسبةِ للاقتصادِ الكولومبيّ.
تُعرف كولومبيا بتنوعِ قهوتها ونكهاتها الفريدة. تُعدّ قهوة أرابيكا الكولومبية من أشهرِ أنواعِ القهوةِ في العالم، وتتميزُ بنكهتها المتوازنةِ ورائحتها العطرية. كما تُنتجُ كولومبيا أنواعًا أخرى من القهوة مثل قهوة روبوستا، والتي تُعرفُ بنكهتها القويةِ ومحتواها العالي من الكافيين.
وتلعبُ الشراكات دورًا هامًا في زراعةِ البنّ ومعالجتهِ في كولومبيا، فيقوم العديد من أصحاب المزارع في المنطقة الواحدة بجمع محاصيلهم في محطة واحدة لمعالجتها ومن بعد ذلك تصديرها محلياً أو إقليمياً، حيث أن عملية المعالجة وتسويق محاصيل القهوة على مستوى عالي تعد مكلفة لأصحاب المزارع الصغيرة التي تسمي بـ "فينكا" وهو مصطلح كولومبي يطلق على المزارع الصغيرة أو المزارع العائلية. لذا تُساعدُ هذه الشراكات المزارعينَ على تحسينِ جودةِ منتجاتهم وتوفيرِ فرصِ أفضلَ للتسويقِ والتصدير. كما تُساهمُ في دعمِ التنميةِ المستدامةِ للمجتمعاتِ المحليةِ.
ختاماً، تُعدّ القهوة جزءًا لا يتجزأ من الثقافةِ الكولومبية. تُشكلُ طقسًا اجتماعيًا هامًا يُجمعُ الناسَ معًا، وتُستخدمُ في العديدِ من المناسباتِ الاجتماعيةِ والدينية. كما تُلهمُ القهوةُ الفنانينَ والكتابَ في كولومبيا لكن عشاق القهوة في كولومبيا لم يكتفو بذلك، بل قررو تصدير هذه الثقافة العميقة لجميع أقطار العالم من خلال محاصيلهم المتميزة وعالية الجودة…
هل أنت من عشاق القهوة الكولومبية ؟ شاركنا محصولك الكولومبي المفضل من خلال حسابنا على Instagram