في هذا المقال المستخلص من فيديو لأحمد الهاني من سلسلة نصائح لأصحاب المقاهي، نستعرض أهمية الاستخلاص في عالم القهوة المختصة. كثير من الباريستا وأصحاب المقاهي يلاحظون اختلاف النكهات بين كوب وآخر، ويرجع ذلك إلى عدم فهم العوامل المؤثرة على عملية الاستخلاص.
سنتعرف هنا بشكل مبسط وممتع ما هو الاستخلاص؟ كيف يمكن التحكم به؟ ولماذا هو السر وراء تحضير قهوة متوازنة ومثالية.
جدول المحتوى
شاهد الفيديو للحصول على كل التفاصيل
ندعوك لمشاهدة الفيديو الكامل لأحمد الهاني من سلسلة نصائح لأصحاب المقاهي لتتعرف على كل ما يتعلق بعملية استخلاص القهوة وكيفية التحكم بها للحصول على أفضل نكهة في كوب القهوة.
ما هو استخلاص القهوة؟
استخلاص القهوة هو العملية التي يتم فيها إذابة المواد القابلة للذوبان من حبوب البن بفعل الماء الساخن. كلما زادت مساحة السطح التي يتلامس معها الماء مع البن، زادت سرعة وكفاءة الاستخلاص.
يحتوي البن على حوالي 30٪ من وزنه مواد قابلة للذوبان، بينما الباقي يتكون من ألياف وعناصر غير قابلة للذوبان.
لكن ليست كل هذه المواد يجب أن تُستخلص، لأن:
إذا كان الاستخلاص زائدًا، ستظهر نكهات مرة وقاسية تشبه الطعم الخشبي.
أما إذا كان الاستخلاص ناقصًا، فسيكون الطعم حامضي وضعيف وغير مكتمل.
- القهوة المثالية تتميز بتوازن دقيق بين الحلاوة، والمرارة، والحموضة الخفيفة، مع نكهة غنية تدوم في الفم بشكل ممتع ومقبول.
كيف تعرف أن استخلاص القهوة جيد؟
معرفة أن استخلاص القهوة تم بشكل صحيح تعتمد بشكل أساسي على الطعم والخصائص التي تظهر في الكوب.
هناك عدة علامات تدل على جودة الاستخلاص، ومنها:
توازن النكهات: يجب أن يكون هناك توازن بين الحلاوة، الحموضة، والمرارة، بحيث لا تطغى أي نكهة على الأخرى.
طعم معقد وغني: القهوة الجيدة تحتوي على طبقات متعددة من النكهات التي تتكشف تدريجياً مع كل رشفة.
حلاوة واضحة: وجود حلاوة طبيعية تعطي إحساساً بالرضا والنعومة في الطعم.
حموضة خفيفة ومقبولة: الحموضة يجب أن تكون متوازنة وخفيفة، تضيف حيوية دون أن تكون حادة أو مزعجة.
طعم يدوم في الفم: بعد الانتهاء من الشرب، يجب أن يبقى طعم القهوة في الفم بطريقة ممتعة ومريحة، تعكس جودة الاستخلاص.
إذا لاحظت أن القهوة طعمها مر جداً أو حامض جداً أو ضعيف، فهذا يشير إلى أن الاستخلاص غير متوازن ويحتاج إلى تعديل في عوامل مثل وقت الاستخلاص، درجة حرارة الماء، أو حجم الطحن. مراقبة هذه العلامات وتجربة التعديلات خطوة مهمة للوصول إلى كوب القهوة المثالي.
ما هي العوامل الأساسية التي تؤثر في استخلاص القهوة؟
الاستخلاص لا يحدث بالصدفة، بل يعتمد على عدة متغيرات أساسية، منها:
حجم الطحنة
حرارة الماء
وقت الاستخلاص
نسبة القهوة إلى الماء (الريشيو)
جودة الماء
عوامل إضافية مثل التحريك ونوع الفلتر
في الأقسام التالية، سنقوم بتوسيع الشرح حول كل نقطة من هذه العوامل لنفهم تأثيرها وكيفية التحكم بها للحصول على أفضل كوب قهوة.
أولًا: حجم الطحنة
حجم الطحنة يلعب دورًا حاسمًا في سرعة وعمق استخلاص القهوة. كلما كانت الطحنة أنعم، زادت سرعة الاستخلاص وعمقه، مما يؤدي إلى نكهات أكثر تركيزًا وقوة. أما إذا كانت الطحنة أخشن، فسيكون الاستخلاص أبطأ، وينتج عنه طعم أخف وأقل تركيزًا.
أمثلة على حجم الطحنة ومدة التحضير:
إسبريسو: طحنة ناعمة جدًا، مع وقت تحضير يتراوح بين 25 إلى 30 ثانية، للحصول على استخلاص مكثف وغني.
V60: طحنة متوسطة، ويستغرق التقطير من 2 إلى 4 دقائق، مما يسمح باستخلاص متوازن ومتعدد الطبقات.
فرنش برس: طحنة خشنة، مع وقت نقع حوالي 4 دقائق، مما يعطي قهوة ذات قوام أثقل ونكهات أعمق.
فهم هذا العامل يساعدك على ضبط الطحنة بما يتناسب مع طريقة التحضير التي تستخدمها، لتحصل على أفضل نكهة ممكنة في كل كوب.
ثانيًا: حرارة الماء
-
الحرارة المثالية حسب توصيات الجمعية العالمية للقهوة المختصة (SCA) هي بين 90 إلى 96 درجة مئوية.
إذا كانت الحرارة أقل → الاستخلاص بطيء وضعيف.
إذا كانت أعلى → الاستخلاص سريع والنكهات مرة.
نصيحة:
إذا ما عندك مقياس حرارة، اغلي الماء وانتظر دقيقة واحدة قبل التحضير.
-
ملحوظة:
درجة تحميص البن تؤثر بشكل كبير على درجة حرارة الماء المناسبة للاستخلاص. فالبن الفاتح يحتاج عادة إلى حرارة ماء أعلى داخل النطاق المثالي (مثلاً 94-96 درجة مئوية) لأنه أكثر كثافة ويحتاج حرارة أقوى لاستخلاص نكهاته بشكل كامل. أما البن الغامق، فهو محمص لفترة أطول مما يجعل حبوبه أكثر هشاشة وأسهل في الاستخلاص، لذلك يفضل استخدام حرارة ماء أقل (حوالي 90-92 درجة مئوية) لتجنب الاستخلاص الزائد الذي قد يؤدي إلى طعم مر وقاسي. بالتالي، ضبط حرارة الماء بحسب درجة التحميص هو أمر أساسي لتحقيق التوازن المثالي في نكهة القهوة.
ثالثًا: وقت الاستخلاص
وقت الاستخلاص هو عامل حاسم يؤثر بشكل كبير على نكهة القهوة وجودتها. كلما زاد وقت تلامس الماء مع البن، زادت كمية المواد القابلة للذوبان التي يتم استخلاصها، مما يؤدي إلى نكهات أكثر تركيزًا وعمقًا. ومع ذلك، يجب ضبط هذا الوقت بدقة، لأن زيادة الوقت بشكل مفرط قد تؤدي إلى طعم مر وقاسٍ، في حين أن قصر الوقت قد ينتج عنه قهوة ذات نكهة ضعيفة وحامضية.
يختلف الوقت المثالي للاستخلاص حسب طريقة التحضير المستخدمة، ومن الأمثلة على ذلك:
إسبريسو: يتراوح وقت الاستخلاص بين 25 إلى 30 ثانية، حيث يحتاج هذا النوع إلى استخلاص سريع ومكثف للحصول على نكهة غنية وقوام كثيف.
V60: يستغرق حوالي دقيقتين ونصف إلى ثلاث دقائق، مما يسمح باستخلاص متوازن ومتعدد الطبقات من النكهات.
فرنش برس: يحتاج إلى حوالي 4 دقائق من النقع، ليمنح قهوة ذات قوام أثقل ونكهات أعمق وأكثر ثراء.
من المهم مراعاة وقت الاستخلاص بالتزامن مع عوامل أخرى مثل درجة حرارة الماء وحجم الطحنة، حيث تتفاعل هذه العوامل مع بعضها البعض لتحديد الطعم النهائي للقهوة. ضبط الوقت بشكل متقن يساعد في الوصول إلى التوازن المثالي بين الحلاوة، الحموضة، والمرارة في كوب.
رابعًا: نسبة القهوة إلى الماء (Coffee Ratio)
تُعتبر نسبة القهوة إلى الماء من العوامل الأساسية التي تؤثر بشكل مباشر على طعم القهوة النهائي وتركيزها. بشكل عام، يُنصح باستخدام نسبة 1:15، أي لكل 1 غرام من القهوة يُضاف 15 غرامًا أو ملليلتراً من الماء. على سبيل المثال، إذا استخدمت 20 غرامًا من القهوة، فالماء المناسب سيكون حوالي 300 مل.
هذه النسبة تعتبر نقطة انطلاق ممتازة لتحقيق توازن جيد بين القوة والنكهة، ولكن يمكن تعديلها حسب الذوق الشخصي. إذا كنت تفضل القهوة ذات الطعم الأقوى والأكثر تركيزًا، يمكنك تقليل كمية الماء المستخدمة، بحيث تكون النسبة بين 1:15 و1:18. بالمقابل، زيادة كمية الماء تجعل القهوة أخف وأقل تركيزًا.
التحكم في هذه النسبة يمنحك القدرة على ضبط تركيز القهوة بما يتناسب مع تفضيلاتك، سواء كنت تفضل كوبًا غنيًا ومركزًا أو خفيفًا ومنعشًا. لذلك، تجربة نسب مختلفة مع الحفاظ على باقي عوامل التحضير ثابتة تساعدك في الوصول إلى الكوب المثالي الذي يعكس ذوقك الخاص.
خامسًا: جودة الماء
تتكون القهوة المقطرة بنسبة تصل إلى 98٪ من الماء، لذا فإن جودة الماء المستخدم تلعب دورًا حاسمًا في تحديد نكهة القهوة النهائية. من الضروري اختيار مياه نظيفة، نقية، وخالية من الشوائب، الروائح، أو الأملاح الزائدة التي قد تؤثر سلبًا على الطعم.
للحصول على أفضل نتائج، يُفضل استخدام مياه مفلترة أو معبأة ذات جودة عالية، حيث تساعد في إبراز نكهات القهوة الحقيقية دون أن تعطيها أي طعم غريب أو غير مرغوب. إذا كنت تستخدم ماء الصنبور، فمن الأفضل استخدام فلتر مياه منزلي لإزالة الكلور والمعادن الثقيلة والشوائب.
أيضًا، يجب الانتباه إلى درجة عسر الماء؛ فالماء شديد العسر قد يجعل القهوة مرة أو غير متوازنة، بينما الماء شديد النعومة قد يؤدي إلى استخلاص ضعيف ونكهة باهتة. لذلك، يُنصح باستخدام ماء متوسط العسر لتحقيق التوازن الأمثل في النكهة.
باختصار، اعتنِ بجودة الماء كما تعتني بحبوب القهوة نفسها، لأن الماء هو العنصر الأساسي الذي يحدد نجاح أو فشل تحضير كوب القهوة المثالي.
سادسًا: التحريك
التحريك يلعب دورًا مهمًا في تحسين استخلاص القهوة، حيث يساعد على توزيع الماء الساخن بشكل متساوٍ على حبوب البن المطحونة، مما يمنع تكون تكتلات أو مناطق غير مستخلصة جيدًا. هذا التوزيع المتوازن يضمن أن جميع جزيئات البن تتعرض للماء بنفس القدر، مما يؤدي إلى استخلاص متجانس ومتوازن في النكهة.
يمكن تشبيه تأثير التحريك بتذويب السكر في الماء؛ عندما تقوم بتحريك السكر في كوب الماء، فإن التحريك يسرع من ذوبان السكر بشكل ملحوظ مقارنة بتركه دون تحريك. بنفس الطريقة، تحريك القهوة أثناء التحضير، خاصة في طرق مثل V60، يعزز من سرعة وكفاءة الاستخلاص، حيث يساعد على توزيع الماء على البن بشكل أفضل ويمنع تجمع القهوة في مكان واحد، مما يسمح باستخلاص أسرع وأكفأ لنكهات القهوة.
لكن يجب أن يكون التحريك معتدلاً ومتوازنًا، لأن التحريك المفرط قد يؤدي إلى استخلاص زائد يغير من نكهة القهوة بشكل غير مرغوب فيه، مثل زيادة المرارة أو فقدان التوازن بين الحلاوة والحموضة. لذلك، التحكم في طريقة وكمية التحريك يعتبر من المهارات المهمة التي يجب على الباريستا أو محبي القهوة تعلمها لضبط نكهة الكوب حسب الرغبة.
سابعًا: نوع الفلتر وتأثيره على طعم القهوة والاستخلاص
يلعب نوع الفلتر دورًا مهمًا في تحديد قوام القهوة وطعمها النهائي، وذلك بسبب كيفية تعامله مع الزيوت الطبيعية الموجودة في حبوب البن أثناء عملية الاستخلاص. الزيوت هذه تحمل نكهات مركزة وتضيف عمقاً وغنىً للقهوة، لكن طريقة مرورها أو حجزها تختلف باختلاف نوع الفلتر، مما يؤثر بشكل مباشر على تجربة الشرب.
الفلتر المعدني (مثل فرنش برس): يتميز هذا الفلتر بشبكته المعدنية التي تسمح بمرور معظم الزيوت والجزيئات الدقيقة إلى الكوب، مما يمنح القهوة قوامًا أثقل ونكهة أكثر كثافة وغنىً. هذا النوع من الفلاتر يحافظ على نكهات القهوة بشكل كامل تقريبًا، لكنه قد يؤدي إلى وجود بعض الرواسب في الكوب، مما يضيف إحساسًا خامًا وطبيعيًا في الفم.
الفلتر الورقي (مثل V60): يعمل الفلتر الورقي على امتصاص جزء كبير من الزيوت والمواد الدقيقة أثناء التصفية، مما ينتج عنه كوب قهوة أنظف وأخف في القوام. القهوة المصفاة بالفلتر الورقي تتميز بنقاء النكهات ووضوحها، مع تقليل المرارة أو الطعم الثقيل الذي قد تسببه الزيوت. هذا النوع من الفلاتر مناسب لمن يفضلون قهوة ذات طعم ناعم ومتوازن مع طبقات نكهة واضحة.
الفلتر القماشي (مثل سايفون): يقع هذا النوع بين الفلتر المعدني والورقي من حيث السماح بمرور الزيوت. يسمح بمرور بعض الزيوت التي تضيف عمقًا للنكهة، لكنه يعمل أيضًا على حجز بعض الشوائب، مما يخلق توازنًا بين القوام الثقيل والنقاء. الفلتر القماشي يحتاج إلى عناية وتنظيف مستمر للحفاظ على جودته وعدم تأثيره على طعم القهوة.
باختصار، اختيار نوع الفلتر يؤثر بشكل مباشر على كيفية استخلاص الزيوت والنكهات من البن، وبالتالي على الطعم النهائي والكثافة والقوام. فهم هذا التأثير يساعدك في اختيار الفلتر المناسب حسب تفضيلاتك الشخصية وأسلوب تحضير القهوة الذي تفضله.
كيف تصمم وصفتك الخاصة
عندما تتقن المتغيرات المختلفة مثل حجم الطحنة، ودرجة حرارة الماء، ومدة التحضير، ونسبة القهوة إلى الماء، وجودة الماء، ستتمكن من ابتكار وصفتك الخاصة وتجربة التعديلات حتى تصل إلى الكوب المثالي الذي يعبر عن ذوقك وهويتك كمقهى.
لمزيد من النصائح تابع قناة مارد القهوة على يوتيوب. فدوات جديدة ونصائح لرفع الجودة في مقهاك.